up ad

تمخض الجبل فولد فأرا

محمد حليلو – خريبكة

عندما استفاقت مدينة خريبكة من سباتها وقررت أن تنشئ بعض المشاريع على شحها، حفرت نفقا زاد من تهميش أهلها.

بعد أن عانت ساكنة خريبكة، مند عقود، فوق ممر السكة الحديدية بحي الحبوب، ممر ضاعت فيه أرواح تحت عجلات القطار وتعثرت في سكته عجلات الكراسي المتحركة، استفاق أخيرا مكتب السكك الحديدية فشاركته جماعة مدينة خريبكة، فقررا إنشاء ممر سفلي.

الممر السفلي الذي من المفروض أن يكون وسيلة آمنة لعبور المواطنين، نجد أنفسنا أمام فضيحة هندسية وسلوكية بامتياز : ممر بدون ولوجيات لذوي الاحتياجات الخاصة، وبدون كاميرات للمراقبة، وكأن الأمر يتعلق ببناء عشوائي لا يخضع لأي معايير للسلامة أو حقوق الإنسان.

كيف يعقل في سنة 2025 أن ينجز مرفق عمومي بهذا الحجم، دون أدنى اعتبار لفئة من المجتمع تحتاج أكثر من غيرها إلى التيسير والولوجيات؟ أين هي روح القانون الذي يلزم بتهيئة الفضاءات العمومية بما يضمن كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة؟ أم أن الأمر مجرد حبر على ورق، يزين الخطب والتقارير ولا يلامس أرض الواقع؟

غياب كاميرات المراقبة بدوره يطرح سؤالا مريرا عن أمن وسلامة مستعملي هذا الممر. من سيحمي المارة، خصوصاً النساء والأطفال، ناهيك عن التلاميذ والتلميذات الذين سيجدون أنفسهم أمام ممر إجباري بعد انقضاء ساعات الدعم الليلية ، فضاء مغلق قد يتحول في أي لحظة إلى قفص للسرقة أو الاعتداء؟ هل يعقل أن نتحدث عن مدينة في طور التنمية، بينما لا نستطيع ضمان أبسط شروط الطمأنينة لمواطنيها؟

والسؤال الأشد إيلاما: من المسؤول عن هذا التهميش ؟ وكيف قرر مهندس المشروع إقصاء فئة يحميها القانون من تصميمه ؟ ومن سمح بقبول تصميم ناقص، مهمل، ومخالف لأبسط المعايير ؟ أهي صفقات تبرم على الورق وتنتهي بمجرد قص شريط الافتتاح، تاركة المواطن يواجه المعاناة؟

إن ما يحدث في خريبكة ليس مجرد خطأ تقني، بل هو انعكاس لسياسة تدبيرية تستخف بالمواطن، وتعتبر حياته وراحته آخر ما يمكن التفكير فيه. المطلوب اليوم ليس التبرير ولا ترقيع الأخطاء، بل محاسبة حقيقية، ومراجعة شاملة لمعايير إنجاز المشاريع العمومية، حتى لا تبقى هذه المدينة رهينة للاجتهادات الفاشلة والقرارات المرتجلة.

postquare ads

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *